كل كائن حي يأتي إلى العالم يتم خلقه وفي قلبه بذور الرحمة. البعض منا لاحظ هذه البذور فزرعها بالحب، والبعض منا فشل في إدراك وجود هذه البذور وتلاشي أثرها. لكني أود أن أذكر تفصيلاً واحداً حتى لا يقع أحد في اليأس. وكما أن الزهرة الذابلة تصبح أكثر اخضرارًا بعد فترة نتيجة المعاملة غير الأنانية، فإن تعاطف الإنسان سوف ينبض بالحياة عندما يستثمر في تعاطفه.
أود من جميع قرائنا الذين قرأوا هذه السطور أن يتخذوا قرارًا اليوم ويطردوا فكرة "المرض ينشأ من الرحمة" من عقولهم قدر استطاعتهم، بل ويقرروا تدمير هذا الأمر. الاعتقاد.
المرض لا ينشأ من الرحمة. دعونا لا ننسى أنه إذا ظهر مرض، فإنه لن ينشأ من الرحمة التي نظهرها، بل من عدم رحمة الشخص الآخر. القلب الذي لا يرحم هو قاتل الخير.
يرمز القلب إلى المركز الروحي بداخلنا، ففي خلق القلب الرحمة والخير. إن الإصرار على السلوك السيئ يظلم القلب، فمن أظلم قلبه يفقد الرحمة، ومن يفقد الرحمة يصبح قلبه مريضًا، ومن يمرض قلبه لا يستطيع أن يتذوق السلام الذي تجلبه الرحمة. رحمة؛ إنه مكمل للعواطف والأفكار والفضائل. الخير والرحمة والتواضع والعدالة وغيرها الكثير...
الفرد؛ إن مواقفه وسلوكياته الإيجابية تجاه كل كائن حي والطبيعة هي انعكاس لينبوع الرحمة المتدفق في قلبه. وفي هذه المرحلة أود أن أحدثكم عن قصة العقرب والدرويش.
قصة العقرب والدرويش
القصة يريد الدرويش إنقاذ العقرب الذي وقع في الماء. وعندما يغمس يده في الماء لإنقاذه، يلسع العقرب يده.
وبعد فترة، يحاول الدرويش إخراج العقرب مرة أخرى، فيلدغ العقرب يده مرة أخرى.
اللي يشوف هذا يهاجم هذا العقرب الذي يؤذيك رغم أنه يريد الخير يقولك لماذا تساعد؟ إجابة الدرويش ذات معنى.
-"من طبيعة العقرب أن يلدغ، أما من طبيعتي أن أحب المخلوق وأرحمه. هل يجب أن أغير طبيعتي لمجرد أن العقرب يفعل ما تتطلبه طبيعته؟
لقد كنت ألاحظ هذا. وكأن جزءًا منا يخاف من أن يكون صالحًا، وأن يفعل الخير، وأن يعيش برحمة وقلب رقيق، ويحاول أحيانًا الابتعاد عن فعل الخير. ولكن يجب ألا ننسى إن محاولة الابتعاد عن الانفعالات الموجودة في كيان الإنسان لا تؤدي إلا إلى الإضرار بالنفس وتقليل الحياة. ربما نبتعد عن فعل الخير وإظهار الرحمة لأننا نعتقد أننا سنعامل معاملة سيئة. ولكن دعونا لا ننسى! إن التزام الصمت والابتعاد حتى لا يتعرض للقمع والظلم وسوء المعاملة يعني عدم التحدث ودعم قسوة الظالم. علينا أن نقف ضد قسوة الظالم الذي يضطهد المظلومين، ويجب أن أضيف هذا؛ إذا انحرفنا عن الحقيقة وألحقنا الأذى بشخص ما بسبب افتقارنا إلى الرحمة، فسوف نلحق الضرر بالإنسانية جمعاء.
أود أن أنهي مقالتي ببضعة فقرات من عمل الأستاذ نجيب فاضل كيساكوريك بعنوان "الريس بك".
سجين بريء يقول:
- “سيدي الرئيس! لا يمكنك البكاء! لو كنت تستطيع البكاء، سوف تفهم. أنت تؤمن أن الشر فقط هو الذي يمكن أن ينشأ من الرحمة والشفقة. أنت على حق إلى حد ما. لكنك تخسر الحق الأعظم لأنك تنسى ما سيأتي منه من خير عظيم! لقد نزعت الرحمة من قلبك! أنت تسافر عبر الصحراء الجليدية! السيد الرئيس! أتمنى أن ينفتح قلبك المختوم. "
…
الرئيس باي:
-"بدلاً من تقوية قوة الشر في الناس بضربهم، تليينهم بالهولالا. رحمة! الإكسير الذي نحتاجه مثل الهواء والماء... قوة يمكنها أن تقلب المجتمع رأسًا على عقب. الطفل الذي أخذته بوحشية إلى الإعدام؛ قال لي: "أنت تسافر عبر صحراء جليدية". هو قال. كلنا، البشرية جمعاء، نسافر عبر الصحراء الجليدية! حتى الأنفاس التي نأخذها تتجمد في الصخور المسننة. نطعن بأعيننا ونحن ننظر، ونسمم بآذاننا ونحن نسمع! إنه يلوث الحنك ويجمد اليد! نحن لا نعرف قوانين كل هؤلاء، ولكننا نحاول أن نضع قوانين! هل سيحدث ذلك؟ أنت تقوم بتربية النمر وإطعامه ثم ربطه بحبل لأنه مخالب! إنه عار على النمر، إنه خطيئة على النمر، رحمة!
القاضي:
- إذن إجراءات العقاب والحقوق والعدالة والقوانين ليست ضرورية، أليس كذلك؟
-الرئيس بك:
الأمر ليس كذلك! هذه إجراءات تتعلق بالعلاج الداخلي، مثل إجبار الطبيب على بتر طرف كامل عندما لا يجد علاجًا...
المدعي العام:
-سيدي. حتى لو كانت الرحمة خبزاً، ولو وزعت قطعة قطعة على البشرية جمعاء، فلن يسقط من نصيبها شيء، هذا هو الملعون!
بالطبع سيشرق الفجر ليلتك ن يرمي في النهاية. دعونا لا نفقد تعاطفنا وأملنا. أتمنى لك حياة كريمة.
قراءة: 0