في بعض الأحيان قد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يتقبل قلبك موقفًا يدركه عقلك جيدًا. لقد كنت في مكان مثل هذا العام الماضي. كنت أبحث عن طرق لقبول الموقف الذي جعل قلبي يؤلمني. لقد أظهر لي فقدان والدي للمرة الأولى في حياتي أن كل النضالات من أجل الهروب من الألم ستقودنا في النهاية إلى طريق مسدود. لأنه على الرغم من أنه من المعروف نظريًا أن الألم موجود ولا مفر منه، إلا أننا في الحياة اليومية نعيش أحيانًا في الاتجاه المعاكس إلا إذا اضطررنا لذلك. لأننا مبرمجون بشكل سلبي للغاية على الألم. لا نستطيع أن نتحمل الألم، ولا نعتبره مستحقًا، ونظل نطارد من يجلب لنا المتعة. خلال فترة حدادي، كانت هناك أصوات مختلفة سمعتها من حولي؛ تتكون من كلمات مثل "الحياة تستمر"، "عليك أن تلتقط الأشياء وتبدأ من جديد" وما إلى ذلك... لذا لا تبقى في الألم، التقط نفسك بأسرع ما يمكن واغادر. بالطبع لم أكن أحب الألم كسائر الناس، كنت أبحث عن كيفية البدء من جديد بألم سامي أحسست به في كل أعماق كياني. كنت أنتظر أن يأتي الجواب من ذهني الذي ظل صامتا أكثر من أي وقت مضى في وجه هذا السؤال. لقد فوجئت جدًا بالرد. إجابة أوضح مما اعتاده ذهني على مثل هذا السؤال المعقد؛ "مع هذا الألم.."
إن انتظار زوال الألم يعني عدم القدرة على المضي قدمًا أبدًا. وهذا لا ينطبق فقط على ألم الحداد، بل على كل الألم الذي يعيشه الإنسان. على الرغم من أننا مبرمجون للهروب من الألم، وهو أسوأ ما سنواجهه، وربما يكون هذا هو الاختبار الكبير؛ "كيف نواجه الألم الذي تجلبه لنا الحياة؟" ربما نشكو من الأسباب ونبذل جهودًا لا نهاية لها لتغيير الوضع بأفكار لا نهاية لها. حتى يواجه الموت الذي لا رجعة فيه. ربما نكافح بلا نهاية من أجل جعل مستقبلنا، الذي لا يمكن التنبؤ به بشكل كامل أبدًا، يمكن التحكم فيه حتى لا نواجه مثل هذا الألم مرة أخرى أبدًا. لذلك نحاول أن نجعل الغامض مؤكدًا تمامًا. نحاول السيطرة على ما لا نستطيع السيطرة عليه هنا والآن بالفكر وتقليل احتمالية الألم. أيامنا هذه يستغرق الأمر وقتًا وسنوات وربما حياتنا بأكملها. إلى هذا الحد نخاف من الألم. ومع ذلك، فإن البشر يختبرون أعمق التحولات عندما يأخذون الألم معهم، ويدمجونه في أنفسهم، ويتخذون خطوات لإيجاد طريق جديد معه. لأن الألم الذي يعاني منه يضيف معنى وقيمة لكل من الشخص نفسه والعمل الذي يقوم به للآخرين. لأن جروحنا تصبح فجوة تسمح للضوء بالدخول، فمن خلالها يمكننا رؤية الحقيقة بشكل أوضح وإيجاد طريقة أكثر توافقًا مع الواقع الذي نراه.
إذا عدنا إلى سؤال كيف سأستمر... على الرغم من أنني لا أشعر بالشجاعة تجاه هذه الصفحة الجديدة من حياتي، إلا أنني سأستمر بأن أكون شجاع أثناء البحث عن طريقة جديدة لجعل حياتي ذات معنى مرة أخرى. من خلال فتح المكان الأعمق والأكثر خصوصية في قلبي للشفقة، سأتحمل المشاعر الصعبة التي أواجهها على طول الطريق من خلال احتضانها بالرحمة بدلاً من تجاهل المشاعر غير السارة أو دفعها بعيدًا.
سأواصل حياتي باتخاذ خطوات صغيرة في طريق جديد، مع هذا الألم العميق الذي يرتقي بروحي...
قراءة: 0