إن الرحمة هي التي تجمعنا معًا، وتبدأ علاقاتنا وتستمر فيها، وتجعل حياتنا أكثر معنى وقابلية للعيش، وتنير قلوبنا وأرواحنا ومساراتنا، وتسكت صوت الشر.
يجب أن نقدر ذلك ما لنا وما في خلقنا. نحن ندرك قيمة ما لدينا عندما نكون على وشك فقدانه أو عندما نواجه فقدانه.
على سبيل المثال، إذا كانت قدرتنا على الوصول إلى المياه المتوفرة لدينا مقيدة، فإننا نفهم قيمة تلك المياه بشكل أفضل. ولإعطاء مثال آخر، عندما يتضرر أو يفقد أي من أطرافنا، فإننا ندرك أن وجوده لا يقدر بثمن.
يمكننا أن نعطي العديد من الأمثلة على مثل هذه المواقف الملموسة. وهناك أيضًا فضائل غير ملموسة، ولكن وجودها نعرفه، ووجوده يجمل حياتنا. كالرحمة، والعدل، والتواضع، والكرم. ويجب علينا أن نحافظ على هذه الفضائل حية. نحن الكبار نتحمل مسؤولية كبيرة لتنمية وتقوية هذه المشاعر لدى أطفالنا الذين عُهد بهم إلى رعايتنا. الوالد الذي يحتضن الرحمة في كل خطوة يربي طفلاً رحيمًا.
يجب علينا بشكل خاص غرس التعاطف في أطفالنا، الذين هم أمناء مستقبلنا. إذا كان لدينا نحن الكبار رسالة نريد إرسالها إلى المستقبل، فإن أطفالنا هم من سيحملون تلك الرسالة ويبقيونها حية.
دعونا لا ننسى أنه يمكننا بناء مجتمع متعاطف عندما نتعامل مع أطفالنا، الذين يشكلون المستقبل، باهتمامنا وحبنا.
أود أن أتحدث قليلاً عن دور الوالدين في تنمية التعاطف الفطري لدى الطفل. يمكننا تعليم الطفل التصرف برأفة من خلال إظهار السلوك الرحيم. يتعلم الطفل من خلال الملاحظة والسمع في السنوات الأولى من حياته.
أولاً يجب أن يتعاطف الزوجان مع بعضهما البعض ومع بيئتهما وكائناتهما الحية وطبيعتهما، ويجب على الوالدين القيام ببعض الأنشطة الخيرية والزيارات مع الطفل، إذا كانت هناك يد تطلب المساعدة من الوالدين وعليهم أن يمدوا تلك اليد مع طفلهم ويذوقوا الطفل طعم المشاركة، وعلى الطفل أن يساعد الكائنات التي تعيش في الشارع، ويجب توفير الغذاء والماء. إن مثل هذه الخطوات التي تبدو صغيرة في حياة البالغين لها أهمية أكبر بكثير في عالم الطفل مما كان متوقعًا. إن كل عملية تنمي التعاطف لدى الطفل تقدم مساهمات إيجابية لعالمه الروحي ومرونته النفسية.
السلوك الرحيم متوقع. لا يوجد شيء من هذا القبيل، يجب شرح ذلك جيدًا، خاصة للأطفال. وأخيرا، أود أن أذكركم بالإرث الذي تركه لنا أجدادنا. "افعل الخير وارميه في البحر، فإن السمكة لا تعلم، السمكة تعرف."
قراءة: 0