الألم هو في الواقع أهم حاسة تسمح للشخص بأن يكون واعيًا بجسده. عندما يحدث خطأ ما في جسم شخص ما، أو عندما يحدث مرض أو ضرر، فإن هذا عادة ما يجعل نفسه يشعر بالألم. إن الإحساس بالألم مهم حقا، لكن الناس لا يعطون الألم الأهمية التي يستحقها، وأحيانا يستشيرون الطبيب عند تقدم المرض أو حتى بعد فوات الأوان. آلام العمود الفقري، أي آلام الظهر والخصر والرقبة، هي الآلام التي نواجهها بشكل متكرر في الحياة اليومية وهي أيضًا الأكثر إهمالًا بعقلية "سوف تختفي على أي حال". قد تكون بعض آلام العمود الفقري ميكانيكية وطبيعية إلى حد ما. على سبيل المثال، من الطبيعي أن يتألم ظهر الشخص بعد الوقوف لفترة طويلة. لكن ليس من الطبيعي أن يبدأ الألم بعد الوقوف لمدة دقيقتين. السمة النموذجية للألم الميكانيكي هي أنه لا يحدث أثناء الراحة. بمعنى آخر، لا يشعر الإنسان بالألم أثناء استلقائه على السرير، بل يبدأ الألم عندما يقوم بعمل أو يتعب. من بين آلام العمود الفقري، فإن الآلام التي يجب أخذها بعين الاعتبار هي الآلام الليلية. إذا شعر الإنسان بألم في الفراش ليلاً وهذا الألم يوقظه من نومه، فهذا خطأ. ويجب أن يؤخذ هذا الألم على محمل الجد. وأهم الآلام الليلية هي آلام السرطان، ولكنها لحسن الحظ نادرة وتحدث في الأعمار المتقدمة. وخاصةً سرطانات العظام والدم، والحالات التي ينتشر فيها السرطان إلى العظام، قد تظهر في البداية على شكل آلام ليلية. ومع تقدم المرض ينتشر الألم على مدار اليوم ويصبح مستمرا. الآلام الليلية الأكثر شيوعًا التي نواجهها هي الآلام التي تحدث عادةً في الأعمار الصغيرة والمتوسطة وتزداد في الصباح. إذا أضيف إلى هذا الألم التيبس الصباحي، فإن احتمال الإصابة بروماتيزم العمود الفقري الالتهابي، المعروف أيضًا باسم التهاب الفقار المقسط، مرتفع جدًا. التهاب الفقار اللاصق هو مرض معوق يؤثر بشكل عام على العمود الفقري وأحيانًا المفاصل الكبيرة مثل الوركين والركبتين بالإضافة إلى العمود الفقري. على مر السنين، يتم لصق جميع عظام العمود الفقري معًا وثني المريض للأمام. أهم ميزة لها هي أنها تتقدم بشكل خبيث للغاية. يكون الألم خفيفًا جدًا في البداية ويزداد تدريجيًا على مر السنين. يتم تقييد حركات العمود الفقري تدريجياً. وبما أن الألم وتقييد الحركة يتقدمان ببطء شديد، فإن الناس لا يعيرون ذلك اهتمامًا كبيرًا. لدرجة أنه في بعض الأحيان عندما يدخل المريض من باب غرفة الفحص، يمكننا تشخيص المرض من خلال النظر إلى شكل الجسم، لكن الشخص لا يدرك مرضه بعد. هناك مرضى زاد حدب ظهرهم وتقييد حركة الخصر والرقبة وتم تشخيصهم حتى عندما يقتربون من المراحل النهائية من المرض. وبسبب هذا التقدم الخبيث، فإن متوسط الوقت اللازم للتشخيص هو 5 سنوات بعد بدء شكاوى الألم الأولى. ولهذا السبب، يجب على المرضى الذين يعانون من آلام العمود الفقري الليلية، والتي تعد أهم وأوائل أعراض مرض التهاب الفقار اللاصق، وخاصة أولئك الذين يشكون من التيبس الصباحي المصاحب لهذا الألم، استشارة الطبيب قبل فوات الأوان. ومع ذلك، فإن ما نعنيه بالتصلب الصباحي الذي نتحدث عنه هنا ليس تصلب الخصر والظهر الذي يمكن أن يحدث كل صباح عند الأشخاص الطبيعيين ويستمر لبضع دقائق. في هذا المرض، التيبس الصباحي هو عدم قدرة المريض على القيام بحركات العمود الفقري لمدة 30 دقيقة على الأقل (أحيانًا ساعة أو ساعتين) عند النهوض من السرير، ويكون هناك تصلب شديد حول العمود الفقري. بشكل عام، في غضون ساعات قليلة، وأحيانًا عند الظهر، يختفي هذا التيبس ويبدأ المريض في الحركة بشكل طبيعي. وفي صباح اليوم التالي يتكرر نفس السيناريو. لهذا السبب، يجب على الأشخاص الذين يعانون من تصلب الصباح لفترة طويلة في منطقة الخصر والظهر استشارة الطبيب في أقرب وقت ممكن. لم يعد الطب عاجزا في علاج التهاب الفقار المقسط كما كان قبل 15 عاما. لقد تم إحراز تقدم كبير في علاج المرض في السنوات العشر الماضية باستخدام علاجات بيولوجية جديدة. يمكن الآن السيطرة على الألم المقاوم، وهو أكبر مشكلة لدى هؤلاء المرضى ولا يسمح بحركة العمود الفقري، باستخدام هذه الأدوية. العلاج الأكثر أهمية لمنع تقييد حركات العمود الفقري في التهاب الفقار المقسط هو ممارسة الرياضة، وليس الدواء. بعد تصحيح الألم بالأدوية، يمكن للمرضى منع انحناء العمود الفقري عن طريق ممارسة الرياضة بانتظام. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في تشخيص المرض مبكرًا، وبمجرد أن يتعظم العمود الفقري، لا يمكن للأدوية أو التمارين الرياضية إصلاح ذلك. ولهذا السبب نقول احذر من آلام الظهر ليلاً والتيبس الصباحي……
قراءة: 0