إن العنف المنزلي، وهو أحد القضايا التي نواجهها بشكل متكرر على جدول الأعمال، هو مشكلة تعطل الحياة الفردية والاجتماعية. العنف هو الحالة التي يعاني فيها الفرد من ضرر عقلي أو جسدي نتيجة القوة والضغط. وللأسف كثيرا ما نرى ونسمع أن الأفراد يتعرضون للعنف من قبل الأشخاص الأقرب إليهم، وخاصة أفراد الأسرة. يحدث العنف المنزلي عندما يجبر فرد الأسرة المهيمن فرد الأسرة الآخر على التصرف بطريقة غير مرغوب فيها، أو يظهر سلوكًا عدوانيًا، أو يضرب أو يجرح، أو يتواصل بطريقة مهينة أو مهينة. ورغم أننا في الغالب ننظر إلى العنف على أنه عمل جسدي، إلا أنه يجب أن نعلم أن للعنف أبعادًا جسدية وعاطفية ونفسية.
يتسبب العنف الأسري في أن يكون لدى الفرد مشاعر سلبية أو غير حساسة تجاه مفهوم الأسرة. إن الأسرة التي تحمي الطفل من كافة أنواع الأخطار الموجودة في الخارج، لم تعد مساحة آمنة للفرد. عندما يفقد الفرد ثقته الحالية في بنية الأسرة ومفهومها، يبدأ الفرد في تطوير عدم الثقة في الحياة. في مرحلة البلوغ يتعرض الأفراد للعنف المنزلي؛ ويصبح من المحتم أن يتعرضوا لمشاكل تؤثر سلباً على الفرد والبيئة المحيطة بهم، كالتعرض للتوتر المفرط، وانعدام الثقة بالنفس والانطواء، والميل إلى العنف، والمعاناة من اضطرابات نفسية. وكما قال عدنان جوبان، "إن العنف يسبب جروحًا يصعب شفاءها في أجساد الناس وأرواحهم".
على الرغم من أننا كثيرًا ما نسمع عنها في جدول الأعمال، إلا أن العنف المنزلي هو حالة مخفية ومتسترة بشكل عام. . إذن ما نراه في وسائل الإعلام هو مجرد غيض من فيض. ونتيجة للبحث الذي أجرته جامعة هاسيتيب عام 2014 بدعم من وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية، تبين أن النساء تعرضن للعنف بنسبة تتراوح بين 29 و49 بالمائة تقريبًا عند النظر في العديد من جوانب العنف المنزلي ضد المرأة. وفي نفس البحث، وجد أن مستوى العنف يختلف حسب المنطقة، والمناطق التي تشهد أكبر قدر من العنف هي شمال شرق الأناضول ووسط الأناضول. وقد تبين أن الأشخاص الذين يستخدمون العنف هم في الغالب رجال.
ولا ينبغي أن ننسى أن العنف سلوك مكتسب. وخاصة مراقبة أفراد الأسرة إنه سلوك مكتسب نتيجة للممارسة. من المرجح جدًا أن يظهر الأشخاص الذين تعرضوا للعنف المنزلي أو لاحظوه أثناء طفولتهم ومراهقتهم هذا السلوك في سنواتهم اللاحقة. عندما نفحص الأفراد العنيفين، نرى أن لديهم مشاكل في التواصل. وفي حالات مثل صعوبة التعبير عن الذات أو الشعور بالإهانة، يظهر الغضب مع الشعور بالنقص، ونرى أن الفرد يلجأ إلى العنف عندما لا يتمكن من إدارة ذلك بطريقة صحية. وفي نفس الوقت فإن شرائح المجتمع الذي نعيش فيه تمدح العنف بل وتصرح بضرورة تشجيع الفرد على ارتكاب العنف. إن الاستخدام النشط للتعابير مثل من لا يضربون بناتهم، ويضربونهن بركبهن، والضرب من السماء، ولا يتركون جحشًا على بطونهن وعصا على ظهورهن، هي عوامل ثقافية تعمل على تطبيع العنف. ونتيجة للتدخلات الصحية في مواجهة كل هذه العوامل السلبية، يمكن منع العنف أو السيطرة عليه.
قراءة: 0