يا تلك الهواجس
''تقول فتاة تبلغ من العمر ثماني سنوات إن الأشياء السيئة تتبادر إلى ذهنها وتطلب باستمرار من والدتها الموافقة فيما يتعلق بواجباتها المدرسية أو أدائها. الوضع، الذي عبرت عنه الأم في البداية بـ "لا بأس" أو "عمل جيد"، يبدأ في عدم رضاها مع مرور الوقت ولا تستطيع تهدئة قلقها. الطفل الذي لا يستطيع أن يشعر بالموافقة الكافية من والدته، يتطور لديه الحاجة إلى الاعتذار المستمر لأمه. ويرى أنه إذا لم يجعل والدته تكرر هذه الكلمات، فسيحدث شيء سيء لأمه، ولا يستطيع إخراج هذه الفكرة من ذهنه. ويذكر أنه من أجل التغلب على هذا الأمر، شعر بالحاجة إلى الاعتذار بشكل متكرر لوالدته في البداية، ثم الاعتذار لاحقًا بشكل مفاجئ لمعلميه وحتى لأصدقائه.''
' "يعتقد صبي يبلغ من العمر اثني عشر عامًا أنه مصاب بمرض. ورغم كل جهوده، لم يستطع أن يقنع نفسه بأنه ليس مريضا. يبحث في الإنترنت ويقرأ ويقول إنه لا يوجد سبب لمرضه، لكنه ما زال غير قادر على إخراج هذه الفكرة من ذهنه.''، ''إذا لم أغسل يدي بالصابون 3 مرات، سأصاب بمرض أو جرثومة،'' كم مرة أصبحنا نسمع أفكارا من أفواه الأطفال في الآونة الأخيرة...
أفكار غير صحية ومزعجة، والمعروفة شعبيا باسم "القلق والوساوس والوهم والهوس" وغيرها حالة التفكير المرضية التي تعتبر متكررة وغير عقلانية تسمى الهوس. ومن ناحية أخرى، فإن السلوكيات القهرية هي سلوكيات تحدث لتقليل القلق الناتج عن الهواجس أو التي يتم الشعور بأنها تنفذ وفقًا لقواعد صارمة.
فكيف يمكن التمييز بين الهوس والقلق الواقعي؟
إذا كان طفلك يجمع ألعابه وسريره ويضع كل شيء في مكانه عندما تكون غرفته فوضوية، فهذا ليس هوساً، بل هو شيء يجب أن يحدث. ومع ذلك، إذا كان طفلك يقضي اليوم كله في ترتيب غرفته ويشعر بالقلق والتوتر حتى عند تغيير موقع أحد العناصر، فيمكننا القول أنه مصاب بالوسواس القهري. ومن الضروري التمييز بين مسؤولياتنا الحقيقية، كما في المثال الذي قدمته للتو، أو الشعور الصحي بالقلق، وبين الوسواس القهري، أي الوسواس.
في الحقيقة هو قلق. الوسواس القهري، وهو اضطراب معرفي، غالبًا ما يمكن رؤيته في سن مبكرة جدًا. يرتبط اضطراب الوسواس القهري، وهو اضطراب أصبح شائعًا جدًا في السنوات الأخيرة، بتدهور معين في كيمياء الدماغ ووظيفته.
بالنظر إلى الانتقال الوراثي العالي، فإن مرض الوسواس القهري هو في الواقع اضطراب معدٍ. . عندما ننظر إلى تاريخ الأم أو الأب، يمكننا في كثير من الأحيان أن نرى أن هذا الاضطراب موجود.
فعوامل التوتر المتزايدة، والأحداث المؤلمة والسلبية، وكل السلبيات التي تجلبها الحياة، تستمر في خلق التصور "يجب أن أكون مثاليًا" عند الأطفال والشباب. ومن خلال تقدير التقدم السريع للأطفال الصغار، تدعم الأسر في الواقع قدرتهم على تحقيق الكمال. بعبارات مثل "ابني الرائع"، "ابنتي على رأس صفي"، "ابني سيكون رئيس الدولة عندما يكبر"، وما إلى ذلك، فإنه يخلق التصور لدى أطفالنا أنني "سأستحق أن أكون محبوبًا فقط إذا نجحت". الأطفال الذين يكبرون بهذه الطريقة يبحثون باستمرار عن الموافقة في السنوات اللاحقة، وعندما لا تتم الموافقة عليهم، يدخلون في فكرة أو موقف أو عاطفة سلبية. ومع ذلك، فإن الطفل سيشعر بأمان أكبر عندما يتم تقدير إخفاقاتنا ولدينا نهج تقدير موجه نحو العملية بدلاً من أن يكون موجهاً نحو النتائج فقط.
أيها الأمهات والآباء؛ إذا كان أطفالك لا يفعلون أي شيء يتعلق بالنظافة والنظام ولا يستطيعون التركيز على مهمة أخرى، فلا تعزز هذا السلوك. مع كلمات مجاملة مثل "ابنتي دقيقة للغاية ومنظمة للغاية"، فإننا في الواقع نزيد من القلق الموجود لدى أطفالنا بشكل أكبر. ما يتعين علينا القيام به هو أن ننظر أولاً إلى أدوارنا الأبوية ونسأل أنفسنا عما إذا كنا دقيقين أم لا. ومن ثم، بدلًا من دعم اتجاهات أطفالنا المتعلقة بالنظام المفرط أو النظافة، يجب أن نعترف لأنفسنا بأن هذه مشكلة.
علاج الوسواس القهري عند الأطفال
يجب أن نأخذ في الاعتبار علاج الوسواس القهري عند الأطفال من عدة جوانب لا بد منه. بداية يجب توضيح الأسرة والطفل أن هذا المرض سيكون طويل الأمد، ويجب الاتفاق معهم على المتابعة الجيدة والتكيف. من وقت لآخر وتجدر الإشارة إلى أن الوساوس والدوافع المرتبطة بها قد تتغير. ومن الجدير بالذكر أنه إذا لم يكن هناك علاج، فسوف يستمر الأمر إلى مرحلة البلوغ وقد تصبح الأعراض أكثر تأثيراً على الحياة. من المهم أن تشارك الأسرة والطفل في العلاج. خاصة إذا كان الطفل يشرك الأسرة في أفعاله القهرية أو إذا كان السلوك داخل الأسرة يزيد من المرض، فمن الضروري أن تلعب الأسرة دورًا نشطًا في العلاج. وبصرف النظر عن هذا، قد تكون هناك حاجة إلى دواء لعلاج الطفل الفردي من هواجسه. الأدوية مهمة لأن العوامل البيولوجية تلعب دورا هاما في أسباب هذا المرض. تساعد الأدوية أيضًا في القضاء على المشاكل الإضافية التي قد تحدث. تعتبر العلاجات الداعمة للطفل، وإذا كان في عمر يمكنه إدراك ذلك، فإن العلاجات السلوكية هي أيضًا أجزاء مهمة في حل المشكلة. ولا ينبغي أن ننسى أن أطفالنا قد يكون لديهم هواجس أيضًا، وأنهم بحاجة إلى علاج، وأن المشكلة قد تكبر إذا تركت دون علاج.
قراءة: 0