ما يخبرنا به دماغنا

لقد زودنا علم الأعصاب، الذي يعد جزءًا من حياتنا اليومية، بسحر لا يصدق بالعقل البشري. كل أفكارنا وأحلامنا وذكرياتنا وتجاربنا تنشأ من الأنسجة العصبية.

في هذه الرحلة التي بدأناها استنادًا إلى عالم العلوم المتطور، قبل بضعة عقود، كان يُعتقد أن نمو الدماغ قد اكتمل إلى حد كبير في نهاية الطفولة. ونعلم أيضًا أن عملية بناء دماغ الإنسان تستمر حتى نهاية الخامسة والعشرين من عمره. في مرحلة المراهقة، تشكل عملية إعادة التنظيم والتغيير التي تمر بها شبكات الدماغ هويتنا الواضحة. وترتبط هذه التغييرات تدريجياً بالنفس والوعي الذاتي الذي يصاحبها. ونتيجة للبحث فإن المواقف والتجارب الاجتماعية تتزايد مع انتقالنا من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة، وتصل ذروتها في سن الخامسة عشرة. ومن ناحية أخرى، بدأ الدماغ البالغ في التعود عليه، تمامًا مثل الحذاء الجديد، فقد سقط في مكانه وأصبح مألوفًا، إذا جاز التعبير. في سن الخامسة والعشرين، تكتمل التحولات الدماغية الخاصة بالطفولة والمراهقة أخيرًا. نهاية هذه التغيرات في هويتنا وشخصيتنا قد تجعلنا نعتقد أنها ثابتة وغير قابلة للتغيير، ولكن هذا يخالف الاعتقاد السائد. لذا، إذا تغيرت التغيرات في دماغنا نتيجة لمرض أو إصابة، فهل تغير شخصيتنا أو سلوكنا؟

في عام 1966، صعد تشارلز ويتمان إلى طابق المراقبة بالبرج ثم بدأ إطلاق النار بشكل عشوائي على المدنيين في الأسفل، مما أسفر عن مقتل ثلاثة عشر شخصًا، وأطلقت الشرطة النار عليه وقتلته في الحادث الذي أصيب فيه خمسة وثلاثون شخصًا. كان الوضع فيما يتعلق بهذا الحادث هو أن تشارلز ويتمان لم يقدم أي دليل على أنه سيرتكب مثل هذا الإجراء. وعلى الرغم من أنه كان شخصًا متعلمًا ولم يتورط في أي أعمال عنف في الماضي، إلا أنه شعر مؤخرًا بأن لديه أفكارًا غير عادية وغير عقلانية، وبعد وفاته تم تشريح الجثة وتساءل عن سلسلة من الحقائق التي لم يستطع يفهم. ونتيجة التشريح، تم اكتشاف ورم صغير في المخ، وقام هذا الورم بالضغط على اللوزة الدماغية، مما سمح للبنية المرتبطة بالخوف والعدوان بالظهور. دماغنا وجسمنا جزء من حياتنا. اللغة اليونانية تتغير وتتغير باستمرار. ويصبح إدراك هذه التغييرات أكثر صعوبة بالنسبة لنا كبشر بسبب السرعة التي ندركها بها.

فمن الذي يتحكم إذن؟ دعونا نبحث عن إجابة للسؤال...

دعونا نفكر في نقطة نقوم فيها بعملنا اليومي. نستيقظ في الصباح، نغسل أيدينا ووجهنا، ونتجه نحو المطبخ ونقوم بإعداد الشاي. ثم نخرج أطباق الإفطار من الثلاجة ونذهب إلى الموقد لتحضير الميلين. نحن ندرك أن كل هذه الأحداث في حياتنا هي بسبب احتياجاتنا ورغباتنا ومخطط لها. وإلى أي مدى يمكن لهذا الوعي الواعي أن يتحكم فينا؟ في الواقع، الدماغ يعمل دون وعي. على سبيل المثال، أنت تشرب الشاي في مقهى وهو مليء بالأشخاص الذين تتحدث معهم. منذ اللحظة التي ترفع فيها كوب الشاي الخاص بك، يتم تنشيط ذاكرتي عن البيئات التي مررت بها من قبل مرة أخرى. ترسل القشرة الأمامية إشارات إلى القشرة الحركية. هذه هي المنطقة التي تنسق العضلات التي ستلعب دورها في جذعي وذراعي ويدي للإمساك بالزجاج. عندما ألمس الزجاج، يتم نقل الكثير من المعلومات حول وزن الزجاج ودرجة حرارته ومدى انزلاقه إلى الدماغ عبر الأعصاب. القوة عند رفع الزجاج موجودة في دماغي بمقياس أجزاء من الثانية. ومع ذلك، لا أستطيع حتى إدراك العاصفة الكهربائية داخل عقلي. دعونا نكون حذرين من أننا أنفسنا قد لا نكون قادرين على اكتشاف السرعة التي تخرج بها الكلمات من فمنا أثناء التحدث. لكن وراء الكواليس، يقوم دماغنا بتشكيل وإنتاج تصريفات الأفعال وهذا الترتيب المعقد لكيفية بناء الجملة نيابةً عنا. أول من حاول إلقاء الضوء على أعماق اللاوعي هو سيغموند فرويد. إن التخصص في طب الأعصاب يلعب دوراً هاماً في علاج الاضطرابات النفسية.

قراءة: 0

yodax